نذير القرآن لطلبة العلم والإيمان
لفضيلة الشيخ/ محمد رجب محمد
من مشايخ الإسماعيلية الأفاضل
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله،
وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ على محمد وعلى
آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد
وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
ثم أما بعد:
فإن من أعظم مطالب العبودية
أن يطلب العبد علوم الدين، وقد جاءت النصوص المشرفة كثيرًا لِتُبين فضل
العلم وأهله؛ فطلب العلم هو أعظم أعمال العبد الصالحة؛ بل كل قضية من الدين
فهي من مسائله، وكل كسب وسعي فهو فرع عليه.
غير أن العلم كسائر الطاعات
له باب منه يُطلب، قد سُدت كلُّ الطُّرقِ إليه إلا من جهة ذلك الباب؛ فإذا
سلك إليه عبد من غير جهته ضاع وتاه.
وذلك الباب هو حُسن القصد وإخلاص النية؛ فذلك باب الطلب ومبدؤه، وصاحبه الذي لا يفارقه.
ومِن ثَمَّ كان بيان ذلك القصد ضروريًّا لسلامة ذلك الطلب؛ فحقُّ قلبِ مُريده التشوفُ بل التشوقُ لمعرفته والوقوف عليه.
وبيان هذا القصد: أن يرفع
العبد الجهل بربه عن نفسه.. أن يتعرف على مولاه.. على أسمائه وصفاته.. على
ما يليق لجلاله تعالى.. على ما يكون من جليل فعله وجميل أمره.. على شرعه
ودينه.
فرفعُ الجهلِ بربك وشرعه عن نفسك هو القصد والباب، فسعيك إلى طلب العلم في ضلال إلا من جهته، ومآله إلى وبالٍ إلا بتحصيله واستصحابه.
ومعرفة الله تعالى ليست
كسائر المعرفة؛ بل هو علم يستلزم تحقيقه والعمل بمقتضاه؛ فمجرد تحقيق تلك
النية من رفع الجهل بالله تعالى عن النفس لتعرف ربها، فمجرد ذلك ينهضها
للعمل، ويلزمها موجباته.
ففي معرفة الله تعالى على
الحقيقة ترجمان الأعمال ، فمن حقق ذلك القصد ، استحالت معارفه أحوالا طيبات
، وأعمالا صالحات ؛ بموجب الذي عرف وحصل ، وذلك معنى العلم النافع ، الذي
تحصل به تلك الغايات المشرفات. فذلك قانون الطلب وحقيقة التحصيل.
[size=21]فلابد من حث القلب دوماً
على مراعاة ذلك المعنى ، خاصة حال فرح النفس بما تناله في مجالس العلم ،
ومسالك التحصيل ؛ من كلمات العلوم ، وألفاظ الفنون. فإن لم يجد القلب فيما
حصَّل ترجمان العمل بموجبها ؛ فكيف يفرح حينها ، فحقه أن يحزن ، بل يفزع ،
إذ تبين له الآن أنه ما دخل من بابه ، ولا انتظم تحت قانونه ، ولا استصحبه
في سيره ، تبين فقدان الترجمان . فلمَ يفرح بكلمات تقوم بها الحجة عليه ؟!،
بل تستوجب مقت الله وعذابه ، ألم يسمع قوله U نبيه U لنبيه