أهلاً وسهلاً بكم في موقع إلاصلاتى ونتمنى لكم قضاء أجمل الأوقات معنا
أخى الزائر / أختى الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الموقع
سنتشرف بتسجيلك
شكراً
إدارة الموقع ||



أهلاً وسهلاً بكم في موقع إلاصلاتى ونتمنى لكم قضاء أجمل الأوقات معنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةموقع إلاصلاتىالأحداثالتسجيلالمنشوراتدخولأحدث الصور

 

 الضوابط المنهجية للاستدلال بالنصوص الشرعية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خادم الاسلام
مؤسس المنتدى
مؤسس المنتدى
خادم الاسلام



الضوابط المنهجية للاستدلال بالنصوص الشرعية Empty
مُساهمةموضوع: الضوابط المنهجية للاستدلال بالنصوص الشرعية   الضوابط المنهجية للاستدلال بالنصوص الشرعية Icon_minitime110/11/2010, 12:40 am


الضوابط المنهجية للاستدلال بالنصوص الشرعية
د: حسن سالم






1- الاستيثاق من ثبوت النص وصحة نسبته إلى مصدره إذا كان حديثاً نبوياً.

إن أول ما يجب على المستدل بالنص الشرعي والمتعامل معه أن يتحققمـن صحّة نسبة ذلك النص إلى مصدره ، أي أنّ مرادنا بهذا الضابط أن يعنيالمتعامل مع النص الشرعي بالتثبت ،والتأكد من كون النص الذي يبني عليهالحكم ، نصاً منسوباً نسبة صحيحة إلى مصدره الذي هو الشارع.
ذلكأنّ المجتهد مهما بذل من جهد في فهم النص ، وأخلص في سعيه إلى التوصل إلىالمراد منه ، فإنّ جهده كلّه يظل جهداً غير معتبر ولا مهم إذا تبيَّن عدمصحة نسبة ذلك النص إلى مصدره نسبة يقينية ، ولكي يستفيد المجتهد من وقتهوجهده ، ينبغي له أن يعنى بمراعاة هذا الضابط ، ويقدمه على أيّ إجراءمنهجي يقوم به عند إرادته فهم نص شرعي أو الاستدلال به لكونه الأساس الذييهـدف الاجتهاد إلى فهمه والعمل بمقتضاه في حالة صحّـة نسبته إلى مصدره .وأيّ نص لا تصح نسبته إلى مصدره ، فلا داعي في البحث عن فهم محتواهومضامينه .
وهـذا الضابط ينحصر في الأحاديث النبوية وحدها ، ولا يخص القرآن الكريم الذي يستغني عن هذا الضابط[1]، لأنّ القرآن الكريم كله قد ثبت ثبوتاً متواتراً لا شك فيه ، ذلك أنّه لم يزل كما أنزله الله سبحانه على قلب النبي محمد r، وكمـا لقّنه الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم ، وتلقاهعنهم مَن بعدهم جيلاً بعد جيل ، وأُمَّة عن أُمَّة ، بصورة متواترة لفظاًومعنى ، محفوظاً في الصدور، مكتوباً في المصاحف ، متلوًّا بالألسنة ،مسموعاً في المساجد والمعاهـد والمنازل ، محـوطاً بكلّ معاني التكريموالتقديس ، حتى وصل إلينا سالماً من أيِّ زيـادة أو نقصان ، فهو قطعي منحيث الثبوت بإجماع الأمة. وهذا من فضل الله ـ سبحانه ـ على المسلمين ،فإنّهم وحدهم الذين يملكون المصدر الوحيد الذي يتضمن كلمات الله تعالىالأخيرة للبشر سالمة من كل تحريف أو تزييف .
والحديث النبوي في اصطلاح المحدثين هو: "ما أُضيف إلى النبيّ rمنقول أو فعل أو تقرير أو وصف خِلقي أو خُلُقي" . وهو يرادف السنة النبويةفي اصطلاحهم ، ذلك أن الحديث النبوي هو الذي يدل على السنة النبوية[2]. ومن الأحاديث النبوية ما يفيد الوجوب أو الحرمة ، ومنها ما يفيد الندب أو الكراهة ، ومنها ما يفيد الإباحة .
وإذاكان التّوثّق من ثبوت النّص والتأكد مـن صحته ـ إذا كان حديثاً نبوياً ـهو الضابط الأول الذي لابدّ منه قبل أن نستدل بالحديث ،أو نستنبط منهالحكم الشرعي العملي أو الأخلاقي ، فإنّه لا يتم لنا هذا التأكد إلاّ إذاتَحقَّقنا مِن أنّ الحديث قد استوفى جميع شروط القبول ـ التي نَصَّ عليهاعلماء الحديث النُّقاد ـ سنداً ومتناً ، وعملنا بالمعايير النّقدية لأهلالحديث وعرفنا ما قيل في الحديث من حكم .
واقتصار عمل هذا الضابط المنهجي على الحديث النبوي دون القرآن إنمّا هو بسبب أنّ الأحاديث النبوية لم تدوَّن في حياة النبي r تدويناً رسمياً كما دُوِّن القرآن الكريم ، ولم يتخذ النبي rلنفسه كتبة يكتبون الحديث كما كُتِبَ القرآن الكريم ، ولم يأذن فـي جمعالأحاديث وتدوينها وكتابتها ـ بحيث تَتَّخذ طابع التدوين العام ، أيمرجعاً يُتَدَاول بين الصحابة y ـ كما أذن لهم في جمع القرآن وكتابته على وجه الشمول والاستيعاب ، فقد رُوي عنه r النهـي عن كتابة الحديث ، حيث رَوي الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ رسول الله r قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r "لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا سِوَى الْقُرْآنِ وَمَنْ كَتَبَ شَيْئًا سِوَى الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ"[3].
وقد رأى بعض العلماء أن هذا النهي لأسباب ، منها: حَصْر جهود الصحابة yفي نطاق تدوين القرآن الكريم وحفظه ، والخوف من حدوث اللَّبْس والاختلاطعند العامة بين الصحف التي كُتِب فيها القرآن بِصُحُف الحديث ، وخاصة فـيفترة نزول الوحي بالقرآن ، وقبل اكتمال تدوينه حيث أنّ عامة المسلمين لـميعتادوا على أسلوب القرآن ، إلى جانب أنّ أغلبهم أُمِّيُّون ، فلما خشيعليهم الغلط فيما يكتبون نهاهم[4].
وهذا من الشواهد على صدق النبي r ، إذ أنه ميّز كلام الله I عن حديثه ، كي يبقى الكتاب معجزة الإسلام الكبرى ، فصانه مـن كلّ شيء يكتب إلى جانبه حتى ولو كان السنة .
ومعنى ذلك هو أنّ المُعوَّل عليه في حفظ الحديث وضبطه في حياة النبي r كان هو التَلَقّي والسَّماع ، والاعتماد على الحفظ والذاكرة .
ولذلك فإنّ معظم الروايات والأخبار التي وصلتنا عن رسول الله rلم تُنقل إلينا ـ كما نقل القرآن الكريم ـ نقلاً كتابياً متواتراً مكتوباًفي السطور إلى جانب حفظها في الصدور ، وإنما نُقلَت إلينا مـن طرق آحاد منالصحابة ، نقلاً معتمداً على الحفظ والذاكرة ، ممّا جعل بعضها يتعرَّضلأوهام الرواة وخطئهم ونسيانهم ، كمـا أنّ أعداء الإسلام لم يجدوا منفذاًللدَسِّ والكيد للدِّين وأهله إلاّ عن طريق أخبار الآحـاد ، دون القرآنالكريم أو السنّة المتواترة ، لأن القرآن متواتر محصور بين الدفَّتين ،إلىجانب أنّه محفوظ في الصدور ، فهو معلوم ضرورة ، وكذا الأحاديث المتواترةمحفوظة ومعلومة ضرورة[5].
ومن هنا كانت الحاجة ماسَّةإلى تمحيص روايات وأخبار الآحاد ،وتنقيتها ممَّا علق بها من الزائفوالدّخيل ، ممّا دفع علماء الحديث إلى وضع منهج تاريخي نقدي ، هو عبارة عنقواعد نّقدية تدرُس وتُمحّص جوانب رواية الحديث أو الخبر كلّها ـ سنداًومتناً ـ دراسة نّقدية تامّة كاملة شاملة . أي أنّ هذا المنهج لا يُسَلِّمبالنص دون محاكمة ونقد ، بل لا بد أن تثبت نسبة النّص إلى قائلـه ، وأنيُنْظَر فيه نظرة فاحصة ثاقبة لمعرفة اتفاقه مع الأسس الثابتة والمبادئالعامة في الشرع الإسلامي .
وقد كفانا علماؤنا منذ عصرالصحابة رضوان الله عليهم هذا الجانب المُعين على التوثيق في جانبيالرواية: أي في جهة السند ، وفي جهة المتن وقدّمت الدّراسات التي تشهـدلعلماء الحديث بالسّبق والرّيادة والدّقة العلمية في توثيق روايات الحديث، وتمييز بعضها من بعض ، بالفوارق اليسيرة التي لا يُتنبّه إليها إلاّ منعنى بتحقيق اليقين فيما ينسب إلى الرسول الكريم r لأنّه الدّين .
ومـنقواعد هذا المنهج القائمة على البحث والاستقصاء والتفكير السليم والتيتعتبر أصح القواعد للاستثبات من النصوص المروية وتمحيصها ، ما اشترطهعلماء الحديث مـن شروط في الرواة وفي الرواية ، حيث إنهم اشترطوا شروطاًدقيقة محكمة فـي الرواة تفي بسلامة النقل ، وجعلوها مقياساً للراويالمقبول والراوي المردود ، كما اشترطوا شروطاً أخرى للرواية المقبولة ،تكفل سلامة تناقل الخبر بين حلقات الإسناد ، وتكفل سلامته من العللوالقوادح الظاهرة والخفية ، وجعلوا من هذه الشروط جميعها معياراً أومقياساً عاماً ، نعرفُ به ما يُقبل من الحديث أو يُردّ .
ومجموع هذه الشروط ستة ، هي : العدالة ، والضبط ، واتصال السند وفَقْد الشذوذ ، وفَقْد العلة القادحة ، والعاضد عند الاحتياج إليه[6].
فَتَحَقُّقهذه الشروط في حديث الآحاد يؤدّي إلى قبوله ، واختلالها أواختلال أحدهايؤدّي إلى ضعف الحديث وردِّه . فإذا اشتمل الحديث على شروط القبول هذهواستوفى المرتبة العليا من الضبط فهو الحديث الصحيح وإذا استوفى شروطالقبول لكن كان في الحدِّ الأدنى من الضبط المقبول فهو الحديث الحسن ؛فإذا وَجَد الحسن ما يَجبُرُ قُصُورَهُ ككثرة الطُّرق فإنه يَقْوَى ويرتقيمن درجة الحسن إلى الصحيح ويسمّى الصحيح لغيره ؛ وإذا فَقَد الحديث بعضشروط القبول ـ بأن كان ضعيفاً ضعفاً غير شديد ـ وقامت قرينة ترجّحهوتقوّيه فإنه يرتقي بالتقوية أيضاً مـن درجة الضعيف إلى منزلة الحسنويسمّى الحسن لغيره[7] .
وعلى ذلك فإنّ حديث الآحاد المقبول يشتمل على أربعة أنواع من علوم الحديث[8]، هي : الحديث الصحيح ، والحديث الحسن ، والحديث الصحيح لغيره ، والحديث الحسن لغيره .
"ووجهدلالة الشروط السابقة على قبول الحديث : أنَّ العدالة والضبط يُحقِّقانأداء الحديث كمـا سُمع من قائله ، واتصال السند على هذا الوصف في الرواةيمنع اختلال ذلك في أثناء السند ، وعدم الشذوذ يُحَقّق ويؤكد ضبط هذاالحديث الذي نبحثه بعينه وأنه لم يدخله وَهَم ، وعدم الإعلال يدلّ علىسلامته من القوادح الخفيَّة بعد أن استدللنا بسائر الشروط على سلامته منالقوادح الظاهرة "[9]. كما أنَّ تَوفُّر المتابعة في المستورتُرجّح الحديث الذي فيه ضعف غير شديد ـ ولم يكن ضعفه بسبب الطعن في عدالةالراوي وإنما بسبب سوء حفظه ـ وتقوّيه ، لأنه وإن كان في الأصل ضعيفاً إلاأنّهُ قد انجبر وتقوَّى بوروده من طريق آخر مع سلامته من أن يعارضه شيء ،فزال بذلك ما كان يُخْشَى من جهة سوء حفظ الراوي أو غفلته وتَحَصَّلَبالمجموع قوة تدل على أنه ضبط الحديث[10] .
ولا يتسعالمقام لتفصيل هذه الشروط ، ولا حاجة إلى ذلك ، وهي معلومة عند طلاب العلم، ولكلٍّ منها دراسة مستفيضة في كتب أصول الحديث ومصطلحه ، قديمها وحديثها.
إلاَّ أن هناك قرائن اعتبرها العلماء عللاً تقدح في متنالحديث ، تجدر الإشارة إليها لارتباطها بهذا الموضوع ، فهي في الحقيقةتدخل تحت الشرط الخامس من شروط الرواية المقبولة ـ أي شرط انتفاء العلةالقادحة - ولم يذكرها علماء المصطلح في كتبهم تحت هذا الموضوع - أي موضوعالشروط - وإنما ذكروها تحت موضوع آخر. لذلك كان من الأهمية بمكان أن نشيرهنا إلى أهمها بإيجازٍ .
وهذه القرائن هي - في الأصل -مقاييس استقاها العلماء من أسلافهم الصحابة والتابعين ، لنقد الأحاديثبالنظر إلى متونها ، دون النظر إلى أسانيدها ، وطبقوها على أيِّ حديثتنطبق عليه سواء أكان سنده صحيحاً أم ضعيفاً ، ومن العلماء الذين طبقواتلك المقاييس على الأحاديث الصحيحة الأسانيد الإمام ابن القيم (ت 751 هـ)في كتابه: "المنار المنيف في الصحيح والضعيف" ، حيث حكم على كثير منالأحاديث بالوضع أو الضعف ، كل ذلك بالنظر إلى متونها على حسب هذهالمقاييس.
ومن أهـم هذه القرائن التي اعتبرها العلماءعللاً تقدح في متن الحديث دون أن يُنظر إلى سنده ، بل حتى وإن كان سندهصحيحاً ، ما يأتي :
(1) ـ مخالفة الحديث لصريح القرآن أو السنة المتواترة مع عدم إمكان الجمع والتوفيق في ذلك كلّه[11].
وممَّااعتبره العلماء مخالفاً لصريح القرآن الكريم حديث : "مقدار الدنيا وأنهسبعة آلاف سنة ونحن في الألف السابعة" ، فهذا من أبين الكذب ، وهو موضوعبسبر متنه ،لأنه يجعل كل أحد عالماً بتوقيت القيامة[12]،وهو يناقض قولـه تعـالى: {يسألونكعـن الساعة أيَّان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجلِّيها لوقتها إلاهـو ، ثقلت فـي السماوات والأرض ، لا تأتيكم إلا بغتـة}[13].
وممَّا اعتبره العلماء مناقضاً للسنة الصريحة مناقضة بيِّنة ، حديث "إذا حُدّثتم عني بحديث يوافق الحق فخذوا به ، حَدَّثتُ به أو لم أحدِّث"[14]، فهذا يُعارض الحديث المتواتر الذي يقول : "من يقل عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار"[15].
(2) ـ مخالفة الحديث لمقتضى العقل السليم بحيث لا يقبل التأويل[16]،ويلتحق به ما يدفعه الحسّ والمشاهدة والعادة[17]:
ومن المخالف للعقل ما رواه ابن الجوزي من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جدّه مرفوعاً : " إن سفينة نوح طافت بالبيت وصلّت خلف المقام ركعتين"[18] . فهذا من السخافات التي لا يمكن أن يقولها عاقل وهو ركيك اللفظ والمعنى ، فلا يعقل صدوره عن النبيr ، وواضع هذا الخبر : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، مشهور بكذبه وافترائه[19].
ومما تشهد العادة والمشاهدة ببطلانه حديث : "أكل السمك يوهن الجسد"[20]. فالمشاهدة والعادة أنّ الناس يأكلون السمك ولم يحصل أنه كان سبباً في ضعف الجسد بل العكس هو الصحيح .
(3) ـ مخالفة الحديث للحقائق العلمية الثابتة في الكون :
ومنالمخالف للحقائق العلمية الثابتة في الكون حديث : " إن الأرض على صخرة ،والصخرة على قرن ثور ، فإذا حرك الثور قرنه تحركت الصخرة فتحركت الأرض ،وهي الزلزلة " . قال ابن القيم : "والعجب من مُسَوِّد كُتبُه بهذهالهذيانات"[21] .
(4) ـ مخالفة الحديث للتاريخ الثابت ثبوتاً صحيحاً :
ومـن المخالف للواقع التاريخي الثابت ثبوتاً صحيحاً حديث : "وضع الجزية عن أهل خيبر"[22] ، حيث إن بعض اليهود زوَّروا كتاباً فيه أن رسول الله rأسقط عنهم الكُلَف والسُّخَر والجزية ، ووضعوا فيه شهادة بعض الصحابة رضيالله عنهم ، وهذا الكتاب كذب مختلَق بإجماع أهل العلم ومناقض للتاريخالصحيح الثابت من عِدَّة أوجه ، نذكر واحداً منها : وهو أنّ في هذا الكتابشهادة "سعد بن معاذ " ، وسعد قد تُوفِّي قبل ذلك في يوم بني قريظة ، بعدغزوة الخندق بشهر ، أي سنة خمس من الهجرة ، قبل فتح خيبر بسنتين ، لأنخيبر فُتحت في سنة سبع من الهجرة ، ومعروف أن الجزية لم تكن قد شُرعتآنذاك ، وإنما أُنزلت آية الجزية بعد عام تبوك في السنة التاسعة من الهجرة[23].
وعليهفإن الحديث الذي توفرت فيه الشروط الستة السابقة ، وانتفت منه القرائنالتي اعتبرها العلماء عللاً تقدح في متنه حتى وإن كان سنده صحيحاً هوالحديث الذي يُحكَم له بالقبول بلا خلاف بين أهل الحديث ، لتوفُّر عاملالنقل الصحيح ، واندفاع القوادح الظاهرة والخفيَّة ، وسلامته من معارضأقوى منه .
وخلاصة القول في هذا الضابط: هو أنّ الناظر في الحديث إذا لم يُحَصِّل هذه المعارف ، كان نظره قاصراً ، ووقوعه في الخطأ محققاً .
وهذاما جعل بعض المغرضين الذين حُرموا المعرفة بهذه المقاييس في التصحيحوالتضعيف ، يستشهدون على أفكار سقيمة بروايات ضعيفة ، أو موضوعة ، وفيمصادر ليست معتبرة عند علماء الحديث ، ليضربوا بها نصوصاً صحيحة ـ أو علىالأقل ـ أرجح منها .
ولذلك فإنّ بداية التعامل مع النصوصالحديثية المرويّة تكون بالاستيثاق من ثبوتها ، وإعمال المعايير النقديةلأهل الحديث فيها ، ومعرفة ما قيل في الحكم عليها .
مثال يوضح تطبيق هذا الضابط على الفقه الموروث :
عندتطبيق هذا الضابط على الفقه الموروث نجد في هذا الفقه ـ على ما به من روعةودقّة وإبداع ـ أحكاماً اجتهادية نحن في حلٍّ من الإعراض عنها ، لأنمداركها أو مآخذها ضعيفة عند النظر والموازنة ، حيث إنها بُنيَت علىأحاديث لم تتوفر فيها شروط القبول ، أو على الأقل مرجوحة .
مثال ذلك : حديث : "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط"[24].فهـذا الحديث لا يوجد بهذا اللفظ في أيّ كتاب من الكتب الستة ولا ما فيمستواها ، كموطأ مالك ، أو مسند أحمد ، أو مسند الدارمي ، ولم يُخرجه إلاّالطبراني في الأوسط ، وابن حزم في المحلّى ، والخطابي في المعالم ،والحاكم فـي كتاب علـوم الحديث في باب الأحاديث المتعارضة ولم يُعرف إماممن أئمة الحديث صحّحه أو حسّنه ، بل استغربه النووي وغيره ـ كما في تلخيصالحبير للحافظ ابن حجر ـ وقال ابن القطان: "وعلّته ضعف أبي حنيفة فيالحديث"[25] .
وقد ترتب على هذا الحديث عند من أخذ به، قبْل عصرنا ، تضييق على الناس ، حيث جـرى عرف كثير من البلاد باشتراطأمور فيما بينهم إذا باعوا أو اشتروا ، ولم يَسَعْ العلماء إبطالها فيشقذلك على الناس ويحرجهم.
كذلك في عصرنا ، فالأخذ بهذاالحديث يسبب تضييقاً وحرجاً على الناس حيث جرى عرف الناس على بيع وشراءكثير من الآلات والأجهزة بشرط ضمان مؤسساتها لها لمدة محدّدة ، سنة أوعدّة سنوات ، تصلحها إذا فسدت أو تُبدِّلها إذا تعطّلَت ، إلى غير ذلك منالشروط التي لا تستقر ثقة الناس وطمأنينتهم إلا بتوافرها في الحياةالتجارية .
وهذا هو الذي جعل متأخري الحنفية يضطرون للقول بتخصيص هذا الحديث بالعرف[26]. وكان من الأجدر بهم أن ينظروا في سند هذا الحديث نفسه قبل الاستدلال به على الحكم ! هل هـو صحيح ؟ وهل سلم من معارض أقوى منه ؟
ولذلكأنكر العلامة ابن قيم الجوزية الأخذ بهذا الحديث الذي لا يُعلم له إسناديصح ، مع مخالفته للسنّة الصحيحة والقياس ، ولانعقاد الإجماع على خلافه ،فقال : " أما مخالفته للسنة الصحيحة فإن جابراً باع بعيره واشترط ركوبهإلى المدينة ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع"، فجعله للمشتري بالشرط الزائد على عقد البيع ، وقال : "من باع ثمرة قدأُبِّرَت فهي للبائع إلا أن يشترطها المبتاع فهذا بيع وشرط ثابت بالسنّةالصحيحة الصريحة .
وأما مخالفته للإجماع فالأمّة مُجْمعة علىجواز اشتراط الرّهن والكفيل والضمين والتأجيل والخيار ثلاثة أيام ، ونقدغير نقد البلد ، فهذا بيع وشرط متّفق عليـه"[27].
وهذايعني أنّه ليس كل الأحكام الاجتهادية يجوز العمل بها بإطلاق ، ولا كلالفتاوى الصادرة عن المجتهدين يجوز التقليد فيها بإطلاق ، بل ـ كما قالالإمام القرافي ـ في كل مذهب مسائل ، إذا حُقِّق النّظر فيها ، امتنعتقليد ذلك الإمام فيهـا[28].
وبهذا يتأكد لنا أنّالتثبت من صحة الأحاديث التي تُبنى عليها الأحكام أمر واجب على كل متفقه ،وأنّه لا بدّ لرجل الفقه من أن يرجع إلى المنابع الأصلية من دواوين السنّةوشروحها وعلومها ، ليعـرف صحيح الأحاديث من معلولها ومقبولها من مردودها ،وعامّها من خاصّها ، ومطلقها من مقيّدها ، ويتمرّس بمعرفة تلك العلوم التيلا يقوم اجتهاد سليم إلا بمعرفتها والتعمّق فيهـا .



[1] وإنْ يكن مـن تحقق في صحة نسبة النصالقرآني إلى مصدره ، فإنه لا يتجاوز التحقق مـن صحة بعض القراءات ـ غيرالمتواترة ـ الواردة لبعض ألفاظ النص القرآني .
[2]أي أن الحديث هو الذي يدلنا على الهدي النبوي ويرشدنا إليه، انظر : ابنحجر العسقلاني ، أحمد بن علي: شرح النخبة (نزهة النظر في توضيح نخبةالفكر) تحقيق د. نور الدين عتر ، دمشق دار الخير ، مطبعة الصباح ط2،1414هـ، ص 37 . والسيوطي ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر: تدريب الراوي فيشرح تقريب النواوي ، تحقيق الأستاذ عبد الوهاب عبد اللطيف ، دار الكتبالحديثة ، القاهرة ، ط2 ، 1966م ،1/42 )) .
[3]أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق من صحيحه رقم 3004 ترقيم عبد الباقي .وأحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري رقم 10701 ترقيم إحياء التراث ، واللفظلأحمد .
[4] فيما عدا الإذن الخاص لأشخاصمُعَيَّنين يتقنون الكتابة ، أو في مسائل محدَّدة ذات أنصبة وفروض وأرقاميصعُب ضبطها من غير كتاب، وللطُرَّاء الذين يرجعون لأقوامهم ويريدون شيئاًمكتوباً إما لإتقانه وتذكره وإما زيادة في التوثيق والتصديق . ((انظر: د.همام عبد الرحيم سعيد : الفكر المنهجي عند المحدثين ،طبعة رئاسة المحاكمالشرعية والشؤون الدينية بدولة قطر ، الطبعة الأولى ، المحرم 1408هـ ، ص41وما بعدها . وابن قتيبة: تأويل مخْتَلِف الحديث ، طبعة مصر ، ص286 ومابعدها . والخطَّـابي : معالم السُّنن ، المكتبة العلمية بيروت ، ط. 1 ،1981م ، 4/184)) .
[5] والمتواتر: هو الذيسمّاه الإمام الشافعي علم العامَّة ، وهو الخبر الذي يفيد العلم الضروري ،أي الذي يفيد العلم بلا استدلال ، ويحصل حتى لمن ليس عنده أهلية النظركالعامّي ، وهو على هذه الكيفية ليس من مباحث علم الإسناد . أي أنّالمتواتر هـو الذي بلغ رواته عدداً كثيراً تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، فهو ذائع منتشر معلوم بداهة ، لا يتوقف على خبر إنسان بعينه ، في حين أنخبر الآحـاد ـ وسمّاه الإمام الشافعي خبر الخاصة ـ تناقله الأفراد أوالآحاد ، ولم تنقله عامة الناس ، وتبقى خصوصيته من جهة اقتصار معرفته علىفئة محصورة . ((انظر : الشافعي ، محمد بن إدريس : الرسالة ، تحقيق أحمدمحمد شاكر ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ص357 ، وص370 . وابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي : شرح النخبة (نزهة النظر) ، ص 41)) .
[6]انظر : ابن الصلاح ، أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن : علوم الحديث (مقدمةابن الصلاح) ، مؤسسة الكتب الثقافية ببيروت ، ط4 ، 1996م ، ص23 وما بعدها(مطبوع مع شرحه التقييد والإيضاح للعراقي) . وابن حجر العسقلاني : شرحالنخبة (نزهة النظر) ، ص 54 وما بعدها . والسيوطي : تدريب الراوي في شرحتقريب النواوي ، 1/63 ومابعدها ، و 1/ 179 .
[7] انظر في هذا المعنى : ابن حجر العسقلاني : شرح النخبة ، ص54ـ55 .
[8]ولم يُذكر هنا الحديث المتواتر وهو من المقبول ، لأن الكلام في خبر الآحاد، فهـو الذي يخضع لهذه الشروط أمّا الخبر المتواتر فلا يخضع لذلك ، ولايدخل تحت مجهر البحث والنقاش ، فهو مقبول بدون بحث بإجماع العلماء. (انظر: ابن حجر العسقلاني : شرح النخبة ، ص40ـ42) .
[9] د. نور الدين عتر : منهج النقد في علوم الحديث (دمشق ، دار الفكر ، 1988م) ، ص243 .
[10]انظر : القاسمي ، الشيخ محمد جمال الدين : قواعد التحديث ، تحقيق محمدالبيطار ، دار النفائس ،بيروت ،ط2 1414هـ ، ص105 . وابن الصلاح : علومالحديث ، ص48 . وقارن بتدريب الراوي للسيوطي: 1/176ـ177 .
[11]أي يُشترَط في هذه الأمارة من أمارات القدح عدم إمكان التوفيق والجمع بينالحديث المدروس وبين ما عارضه إذا لم يكن راويه ضعيفاً ،وهذا شرط للحكمعلى الحديث أنه معلول أو مكذوب ، وهو أن تكون مخالفته للأدلة القطعيةمخالفة صريحة جازمة ، لا يُحتمل أن يُراد بالنص تأويل لمعنى آخر ، كأنيكون فيه كناية ، أو نوع تشبيه بلاغي ، أو عام أُريد به الخاص ، وما أشبهذلك . قال الإمام السبكي: "كل خبر أوهم باطلاً ولم يَقبل التأويل فمكذوب ،أو نقص منه ما يزيل الوهم" . ( ابن السبكي ، تاج الدين: جمع الجوامع ،طبعة مصر ، 2/71 . وانظر : السيوطي ، تدريب الراوي 1/276ـ277 ) .
[12]ابن قيم الجوزية ، أبي عبد الله محمد بن أبي بكر : المنار المنيف فيالصحيح والضعيف ، تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة (الناشر مكتب المطبوعاتالإسلامية بحلب،الطبعة السادسة ببيروت،سنة 1994م) ، ص80 .
[13] سورة الأعراف : من آية 187 .
[14]عبد الفتاح أبو غدة : لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث (الناشر مكتبالمطبوعات الإسلامية ، حلب ط:4 ، سنة 1417 في بيروت) ، ص 168 .
[15] أخرجه البخاري في كتاب العلم من صحيحه ، رقم (109) ترقيم فتح الباري .
[16]أي لا يقبل حمله على معنى يرتضيه العقل ، أي لا يُحتمل أن يُراد بنصالحديث تأويل لمعنى آخر يرتضيه العقل السليم ، كأن يكون فيه كناية ، أونوع تشبيه بلاغي ، أو عام أُربد به الخاص ، وما أشبه ذلك .
[17]انظر : السيوطي ، تدريب الراوي 1/276 . وابن حجر ، شرح النخبة ، ص 87 .والخطيب البغدادي ،الكفاية (طبعة دائرة المعارف العثمانية ، الهند ، حيدرآباد 1357هـ) ، ص 17.
[18] السيوطي : تدريب الراوي ، 1/278 .
[19]أحمد محمد شاكر : الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير ،عماد الدين إسماعيل (مؤسسة الكتب الثقافية ، بيروت ، ط3 ، 1408هـ) ، ص 64 .
[20] ابن القيم : المنار المنيف ، ص 64 .
[21] المرجع السابق ، ص78 .
[22]انظر : ابن كثير ، عماد الدين إسماعيل : البداية والنهاية (طبعة السعادة ،1351) ، 12/ 101 ـ 102. وياقوت الحموي : معجم الأدباء (دار المأمون ،1355) ، 4/18 . وابن السبكي ، تاج الدين: طبقات الشافعية الكبرى (طبعةعيسى البابي الحلبي المحققة ، 1382) ، 4/35 . والسخاوي ، الإعلان بالتوبيخ، طبعة القدسي ، ص10 .
[23] ذكر ابن قيمالجوزية كذب هذا الحديث من عشرة أوجه . (انظر : ابن القيم ، المنار المنيفص102 وما بعدها ، وأحكام أهل الذمة له أيضًا : مطبعة جامعة دمشق ، 1/6ـ7 ).
[24] الطبراني ، سليمان بن أحمد ، المعجم الأوسط ، دار الحرمين ، القاهرة ، 1415هـ ، 4/335.
[25]ابن حجر ، أحمد بن علي : تلخيص الحبير (المدينة المنورة ، سنة 1384هــ1964م) ، ج3 ص12 حديث رقم 1150 . والزيلعي ، أبو محمد عبد الله بن يوسف:نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية ، تحقيق: محمد يوسف البنوري ، دارالحديث ، مصر، 1357هـ ،ج4 ، ص17.
[26] حاشية ابن عابدين محمد أمين ، (الطبعة الثانية سنة 1386هـ ، دار الفكر ، بيروت) ، 5/280 .
[27]ابن قيّم الجوزيّة ، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر : إعلام الموقعين عنربّ العالمين ، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد ، دار الجيل ، بيروت ، 2/ 346 ،347 .
[28] القرافي ، أبو العباس أحمد بنإدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي : الاحكام ، في جواب السؤال التاسع والعشرين، تحقيق: عبد الفتاح أبي غدّة ، طبعة حلب ، ص129


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الضوابط المنهجية للاستدلال بالنصوص الشرعية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نحن عندنا أزمة ترك العمل بالنصوص - للشيخ أبي إسحاق الحويني
»  الرقية الشرعية للشيخ ياسر سلامة mp3
» الرقية الشرعية.للقارئ ياسر الدوسرى
»  الرقية الشرعية من الكتاب والسنة..(ادريس ابكر)
» فيديو .. الهيئة الشرعية تضع آداب اختيار المرشحين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أهلاً وسهلاً بكم في موقع إلاصلاتى ونتمنى لكم قضاء أجمل الأوقات معنا :: ๑۩۞۩๑§( الأقسام الشرعية)§๑۩۞۩๑ :: ¨°o.O ( ..^ الحــــــديث الشريف ^.. ) O.o°¨ :: قسم الحديث وعلومه-
انتقل الى: