السؤال: عن حُـكم تهنئة
الكفار بأعيادهم؟ وكيف نردّ عليهم إذا هنئونا به ؟ وهل يجوز الذهاب إلى
أماكن الحفلات التي يُقيمونها بهذه المناسبة؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل
شيئا مما ذُكِر بغير قصد ؟ وإنما فعله إما مجاملة أو حياءً أو إحراجا أو
غير ذلك من الأسباب؟ وهل يجوز التّشبّه بهم في ذلك؟ المفتي: فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله الجواب: فأجاب
- رحمه الله - : تهنئة الكفار بعيد ( الكريسميس ) أو غيره من أعيادهم
الدينية حرام بالاتفاق ، كما نقل ذلك ابن القيّم - رحمه الله – في كتابه
أحكام أهل الذمة ، حيث قال : وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام
بالاتفاق ، مثل أن يُهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو
تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلِمَ قائله من الكفر فهو من المحرّمات ،
وهو بمنزلة أن تُهنئة بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشدّ
مَـقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه .
وكثير ممن لا قدر للدِّين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن
هنّـأ عبد بمعصية أو بدعة أو كـُـفْرٍ فقد تعرّض لِمقت الله وسخطه . انتهى
كلامه - رحمه الله - . وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراما
وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من
شعائر الكفر ، ورِضىً به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن
يَحرم على المسلم أن يَرضى بشعائر الكفر أو يُهنئ بها غيره ؛ لأن الله
تعالى لا يرضى بذلك ، كما قال تعالى : ( إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ
غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا
يَرْضَهُ لَكُمْ ) . وقال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا )
وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا . وإذا
هنئونا بأعيادهم فإننا لا نُجيبهم على ذلك ، لأنها ليست بأعياد لنا ،
ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنها أعياد مبتدعة في دينهم ، وإما
مشروعة لكن نُسِخت بدين الإسلام الذي بَعَث الله به محمداً صلى الله عليه
وسلم إلى جميع الخلق ، وقال فيه : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ
دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
. وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها
لما في ذلك من مشاركتهم فيها . وكذلك يَحرم على المسلمين التّشبّه بالكفار
بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا ، أو توزيع الحلوى ، أو
أطباق الطعام ، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه
وسلم : مَنْ تشبّه بقوم فهو منهم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "
اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " : مُشابهتهم في بعض أعيادهم
تُوجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز
الفرص واستذلال الضعفاء . انتهى كلامه - رحمه الله - . ومَنْ فَعَل شيئا
من ذلك فهو آثم سواء فَعَلَه مُجاملة أو تَودّداً أو حياءً أو لغير ذلك من
الأسباب ؛ لأنه من المُداهنة في دين الله ، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار
وفخرهم بِدينهم . والله المسؤول أن يُعزّ المسلمين بِدِينهم ، ويرزقهم
الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم . إنه قويٌّ عزيز