اتهامات للعلمانيين بتوظيف الكنيسة في حملة التفزيع ضد الإسلاميين
تمثل
تصريحات النخبة العلمانية التي تتهم الإسلاميين باستغلال دور العبادة في
الترويج لأنفسهم وترفض أن يكون للمساجد دور في العمل السياسي لما لذلك من
خطورة بالغة على الوطن حسب رأيهم، ازدواجية واضحة بحسب منتقديهم، ففي
الوقت الذي يستنكرون فيه على التيار الإسلامي تلك الممارسات يقوم هؤلاء
بالمشاركة في حملات توعية سياسية وندوات سياسية بالكنائس، وهو ما يجعل من
كلامهم غير ذي مصداقية و لا يعكس موضوعية في الرأي بقدر محاولة التشويش
على الإسلاميين بالاتهامات ذاتها التي دأب النظام السابق على الترويج لها،
وكانت مبررا في التضييق على المساجد.
ووضع الدكتور محمد جمال
حشمت القيادي بجماعة "الإخوان المسلمين"، انتقادات العلمانيين في إطار
محاولة الإقصاء والتفزيع والتشويه للتيار الإسلامي ولأدواته من قبل
التيارات الاخري، مرجعا ذلك إلى كونهم في خصومة سياسية مع الإسلاميين،
وبالتالي سيبقى مصدر قوتهم أن يخوفوا الرأي العام من الآخر، وأن هذا ربما
يكون المصدر الوحيد لإعلام مازال حتي الآن يفزع ويخوف الناس، على حد
تعبيره.
وساق للتدليل على ذلك قيام الإعلامي عمرو أديب بتحذير
الناس من أن بعض الإسلاميين سيحشدون الشباب للقيام يوم الثلاثاء بالقبض
علي الفتيات في الشوارع والذين لا يلتزمون بالزى الديني، مطالبا الجهات
المختصة بمحاسبته، وأن يتخذ موقفا حازما تجاهه على مثل هذا الكلام غير
الصحيح بالمرة، والذي يثير الهلع عند الناس تجاه الإسلاميين، وأن يتم
اتخاذ موقف مع هذا الإعلام المحرّض.
وأشار حشمت إلى أن ما يريده أن
يسمح للجميع في إطار الحرية بأن يتحدث كل واحد عن وجهة نظره في حرية تامة،
على أن لا يترتب علي هذا أي فعل مشين، فحرية الرأي والتعبير يقابلها
التزام بالقانون ويتم محاسبة من يخرج عنه، مؤكدا أنه لو ساد مثل هذا
المناخ فسيسمح للجميع أن يتكلموا.
وقال في رده على اتهامات
العلمانيين حول استغلال الإسلاميين للمساجد، إن هناك فرقًا بين كنيسة
مختصة بالعبادة الروحية والإباء الروحيين للمسيحيين، وفرق بين مسجد،
الإسلام يعتبر أن السياسة جزء منه، مع ذلك فهو يفضل أن يقتصر عمل المساجد
علي العمل الدعوي والوعظي ومناقشة القيم الإسلامية، وسنجد فيها قيم الحرية
والعدالة والمساواة، على أن تبقى الكنائس تتكلم في الإطار الديني أيضا فقط
بعيدا عن التحزبات أو أي تحيز لأي تيار.
في المقابل قال إنه يتعين
أن تلتزم الكنيسة بدورها، وأن تتخلى عن الدور السياسي التي تبنته الفترة
الماضية كي لا تكون المتحدث الوحيد عن أمال وعن طلبات ومطالب المسيحيين في
مصر، معتبرا أن هذا هو الحل لإنهاء حالة الاحتقان والالتباس القائمة الآن
ما بين المسلم والمسيحي.
وأضاف: كل ما نريده الآن أن يساعد هؤلاء
المثقفون الأقباط علي الخروج من دائرة الكنيسة والتوجيه الديني حتى لا
يصبح هناك مبرر لبعض الإسلاميين للانحياز واستعمال المساجد في العمل
السياسي.
واعتبر حشمت أن ما أسماها بـ "حالة التفزيع خلال الفترات
السابقة حصرت أقباط مصر داخل الكنيسة، فصارت هي المعبر عنهم روحيا
وسياسيا، وهذا أمر يزيد من وطأة الاحتقان الطائفي الموجود في مصر، ولكي
ننهي هذا الاحتقان، فلابد أن تلتزم المساجد بالجزء النظري الذي لا ينحاز
لأفراد أو يتكلم باسم جماعات، وإنما يتكلم باسم الإسلام".
ورأى أن
الخطورة تتمثل في أن "حالة التفزيع والتخويف قد تؤسس لمرحلة فيها نوع من
المواجهة بين الدولة وبين التيار الإسلامي ربما يكون ضحاياها السلفيون أو
الجهاديون أو حتي "الإخوان المسلمين"، بموازاة تأييد شعبي لهذه الإجراءات،
نتيجة التفزيع الدائم في الإعلام من قبل بعض المثقفين".
وقال إن
خطورة الإعلام تتمثل في تهيئة الناس لتلك الأفكار، ورأى أن هذا جزء من
مخطط يريد أن يثير الشعب ضد التيارات الإسلامية، ثم يقوم باستدعاء الجهة
الحاكمة للقيام بما يريده الشعب ظنا أن كل من يحرك تلك المخطط هو التنافس
السياسي والعجز عن التواصل مع قطاعات كبيرة من الشعب المصري، فتلك
التيارات الآن تتصيد شواذ الأفكار والأفعال وتقوم بتضخيمها إعلاميا كي
تزيد من فكر الفزاعة لدى الرأي العام.
من جانبه، شن المحامي نزار
غراب، هجوما على المثقفين العلمانيين قائلا إنهم لا يتمتعون بالمصداقية،
وإنه ثبت أن المسميات التي كانوا يتخذونها شعارا في مرحلة حمايتهم، بمعرفة
الأنظمة القمعية التي كانت تتيح لهم أن يبثوا أفكارهم الرامية لتقويض
الإسلام وقيم الأخلاق وتقويض كل ما يعبر عن تاريخ وحضارة هذه الأمة.
واعتبر
أنهم بحديثهم هذا ظهروا أن "كل المصطلحات التي كانوا يتغنون بها،
كالديمقراطية والحرية لا أساس لها على أرض الواقع، وأنها كانت شعارات
القصد من ورائها إثارة البلبلة لدى من يستمع إليهم في المجتمع حتي يصنعوا
حالة من التناقض فيما بين الإسلام والإسلاميين في تلك الشعارات، وأنه
عندما ظهرت نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية بـ "نعم" استشعروا أن
تلك النتائج ستكون في غير صالحهم أو في صالح فكرهم وتيارهم".
وقال
إنهم "بعدم قبولهم بنتيجة الاستفتاء واحتكام الصناديق للأغلبية وعدم
إقرارهم بمفهوم التنوع والتعدد في الحياة السياسية، أو قبولهم بمفاهيم
المشاركة السياسية وتداول السلطة، ينقلبون انقلابا علي تلك المفاهيم،
لأنهم لا يجدون لهم في الشارع صوتا، كي يتبؤوا السلطة من خلاله، وما كانوا
يستطيعوا أن يتبؤوا في الماضي مواقعهم تلك إلا نتيجة وجود سلطة قمعية
تحميهم".
واتهمهم بأنهم "يتمسكون بالية الثقافة والسيطرة علي
المنابر الإعلامية كي يحاولوا أن يسيروا علي محورين، وهما: أن يظلوا
يقوموا بتخويف الرأي العام وترويعه من التيار الإسلامي ولو بالكذب
والادعاء، والمحور الآخر: محاولة كسب رأي عام أو أنصار لهم"، لكنه خلص في
النهاية أنهم في الرمق الأخير ولن ينالوا هذا ولا ذاك لأن الله لا يصلح
عمل المفسدين.